الصفحة الأساسية > NATION-ALGERIE > "POURQUOI LE PARTI FFS (FRONT DES FORCES SOCIALISTES) PARTICIPE AUX (...)

"POURQUOI LE PARTI FFS (FRONT DES FORCES SOCIALISTES) PARTICIPE AUX ÉLECTIONS ALGÉRIENNES?

الأربعاء 9 أيار (مايو) 2012

لماذا يشارك حزب "جبهة القوى الاشتراكية" في الانتخابات الجزائرية؟

ياسين تملالي

السفير، 9 مايو 2012

قرّرت "جبهة القوى الاشتراكية"، أهمّ أحزاب المعارضة الجزائرية غير الإسلامية، المشاركةَ في الانتخابات التشريعية التي ستجري في 10 ايار/ مايو 2012، بعد أن قاطعتها عامي 2002 و2007. وبطبيعة الحال، سُرّ النظام بهذا الموقف لسببين. الأوّل أن دخول طرف ثالث، ممثل "للتيار الديمقراطي"، حلبةَ المنافسة سيكسر الاستقطاب الذي كان متوقعا بين الحزبين الحكوميين ("جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي") وتنظيمات إسلامية حرّر "الربيع العربي" لديها شهيةَ السلطة، ولا يخجل بعضُها مثل "حركة مجتمع السلم" من الحديث عن "التغيير" وهو عضو في الحكومة منذ 1996 إلى يومنا دون انقطاع. السبب الثاني أن هذا الموقفَ سيضمن مشاركةً معتبرةً في الاقتراع في المنطقة القبائلية (الناطقة بالأمازيغية)، معقل هذا الحزب، فمقاطعتُه فيها ستكون ضربة قاصمة لمصداقيته، فضلا عن أنها ستعزز نفوذَ التيارات الانعزالية ("حركة الحكم الذاتي"التي يقودها فرحات مهني) في أوساط القبائليين، في ظرف إقليمي ازدادت فيه احتمالات التدخل الخارجي باسم "إرساء الديمقراطية"، تارة، و"حماية الأقليات"، تارة أخرى.

وبرر رئيس الحزب وأحد رموز النضال ضد الاستعمار الفرنسي، حسين آيت أحمد، ، المشاركةَ في الانتخابات المقبلة بكونها "ضرورة تكتيكية" وجزءا من "إستراتيجية بناء بديل ديمقراطي لهذا النظام المستبد المدمّر الفاسد". ورغم النبرة الراديكالية لهذا الخطاب، أثار القرار الاستغراب لأنّه اتُخذ في سياق تواصل التحركات الديمقراطية والاجتماعية في مُجمل الشمال الإفريقي، في مصر وتونس والمغرب وموريتانيا، ما كان يُفترض أن يدفع المعارضةَ إلى عزل "هذا النظام المستبد المدمّر الفاسد" لا مساعدته على فك عزلته.

تُرى، ما دافعُ "جبهة القوى الاشتراكية" للمشاركة في عملية انتخابية هدفُها شبه المعلن إعادة تقسيم أدوار الحكم بين السلطة والإسلاميين؟ ما دافعها إلى ذلك وهي التي لم تتردد في رفع السلاح في وجه رئيس بالغ الشعبية، أحمد بن بلة، سنة 1963، وبلغ مقتُها للنظام في التسعينيات حدَّ اتهامه، لا بارتكاب آلاف الاختطافات فحسب بل أيضا بالضلوع في مجازر المنظمات الإسلامية المسلحة في حق المدنيين؟

من الضروري هنا التذكير ببعض الحقائق الأساسية. الأولى أن الجبهةَ، رغم قاعدتها الشابة نسبيا، لا تزال متأثرة بالثقافة السياسية لحسين آيت أحمد، المقتنع بأن أولى أولويّات التغيير هي إضعاف دور الجيش السياسي، وما أهمّه منذ أن ساعد العسكر أحمد بن بلة، حال الاستقلال في 1962، على تهميش باقي "سياسيي" جبهة التحرير قبل الإطاحة به هو الآخر في 1965. ويمكن القول إن هذا الدور لا يزال فاعلا وإن تأثر بأحداث العقدين الأخيرين وتأقلمت أشكالُه مع "ديمقراطية الواجهة" التي تعيشها الجزائر منذ انتفاضة تشرين الاول/ أكتوبر 1988. الحقيقةُ الثانية أن هذا الحزب، منذ أن أسّسته في 1963 مجموعة من معارضي الجيش وأحمد بن بلة (وعلى رأسهم حسين آيت أحمد)، يهيمن سياسيا على المنطقة القبائلية، حيث تتركز القاعدة الشعبية "للتيار الديمقراطي" والحركة الثقافية الأمازيغية على السواء. الحقيقة الثالثة أن هاجسَه كان ولا يزال التوفيق بين انغراسه التقليدي في هذه المنطقة وتقديسِه "للوحدة الوطنية"، الذي تمليه عليه إيديولوجيتُه النابعة من إيديولوجية الحركة الوطنية (كل مؤسسيه من قادة جبهة التحرير التاريخية).

ويقدّم إيمان حسين آيت أحمد بأن لا تغيير دون إضعاف دور الجيش تفسيرا جزئيا لإقدام حزبه على المشاركة في الانتخابات التشريعية، أي، بعبارة أخرى، دعمِ سعي الرئيس للظهور بمظهر المبادر بالتغيير دون ضغط أجنبي أو داخلي. ذلك أن عبد العزيز بوتفليقة نجح فعلا في تحجيم هذا الدور، من خلال تعيين جنرالات محايدين أو موالين له مكان جنرالات التسعينيات، واثقا من عجز هؤلاء عن الانقلاب عليه بعد سبع سنوات (1992-1999) من الحكم الانقلابي تحت ستار مدني ومستغلا رغبة جيل الضباط الشباب في قلب صفحة الاضطراب السياسي للاستفادة من وعود وميزانيات "حرفنة المؤسسة العسكرية" التي عطلتها حالة المواجهة مع التنظيمات الإسلامية المسلحة. لهذا السبب ربما، لم تطل سهام جبهة القوى الاشتراكية الرئيس إلا نادرا منذ انتخابه في 1999، في حين لم ينج منها لا "النظام" بشكل عام ولا "الاستخبارات" بشكل خاص.

ويأمل حسين آيت أحمد ورفاقُه أن يتواصل مسلسل تحييد الجيش بتغيير جذري على رأس الاستخبارات العسكرية، خصوصا وأن قيادتها "التاريخية" أُضعفت بوفاة الجنرال إسماعيل العمّاري، مدير "مكافحة التجسس"، في شهر أغسطس 2007 ويزيد أملَهم في ذلك أن شهرَ العسل بينها وبين عبد العزيز بوتفليقة انتهى، ما يشير إليه الصراع داخل جبهة التحرير بين أنصار الأمين العام، عبد العزيز بلخادم، وخصومِه، وكذا تواتر الإشاعات عن اندلاع معركة "خلاقة الرئيس" بين هذا السياسي "البوتفليقي" والوزير الأول أحمد أو يحيى، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي و"مرشح الجيش" المحتمل (أو قسم مؤثر منه على أقل تقدير) لانتخابات 2014 الرئاسية.

التفسير الممكن الثاني لمشاركة جبهة القوى الاشتراكية في الانتخابات التشريعية هو رغبتُها في الدفاع عن معقلِها القبائلي، الذي بات مهددا، وفي ذات الوقت، استغلال الظرف السياسي، الداخلي والخارجي، لمدّ تأثيرها إلى باقي أنحاء الجزائر، وهو ما فشلت فيه منذ ميلادها سنة 1963. ولا يأتيها التهديد في المنطقة القبائلية من غريمها التقليدي (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية) الذي يمر بأزمة عصيبة، لكن من أحزاب السلطة أو تلك المحسوبة عليها. وقد دفع تراجع نفوذها فيها (بالتزامن مع اندثار الحركة الثقافية الأمازيغية وفقدان التنظيمات السياسية "الأمازيغية" الأخرى، خاصة التجمع، مصداقيتَها) بعض النخب القبائلية الآملة في لعب "دور سياسي وطني" إلى طرق باب تنظيميْ السلطة التقليديين (جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي) وكذلك باب حزب جديد أُنشأ بمباركة وزارة الداخلية، الحركة الشعبية الجزائرية (برئاسة عمارة بن يونس).

وتحاول هذه التنظيمات إغراء النخب القبائلية بالاندماج في النخبة الحاكمة "لتمثيل القبائليين داخلها" (وكأنهم غير ممثلين فيها بقائد الاستخبارات العسكرية، الجنرال محمد مدين، والوزير الأول، أحمد أويحيى، وغيرهُما كثير)، كما تسعى إلى إقناعهم بإمكانية إفادة المنطقة، بهذا الشكل، من امتلاء خزائن الحكومة (وكأنها الوحيدة المحرومةُ منها). أمام ضغوط كهذه، وما يرافقها من إغراءات رمزية ومادية، فتحت جبهة القوى الاشتراكية لكوادرها أفقَ العمل البرلماني خشيةَ أن يحيد بهم الطموحُ السياسي والاجتماعي (أو الرغبة الصادقة في إسماع صوت منطقتهم في مؤسسات العاصمة) إلى أحزاب أكثر "برجماتية" إن لم تكن انتهازية خالصة.

ويترافق عزم الجبهة على الدفاع عن معقلها بالأمل في أن تصبح تنظيما ذا طابع وطني و"قطبا ثالثا" بين النظام والتيار الإسلامي، وهو حلم ظل يراودها منذ أوائل التسعينيات. القاعدة الشعبية الممكنة لمثل هذا القطب هي اليوم أوسع منها في أي وقت مضى (وإن كان بناؤها يتطلب اتخاذ مواقف أكثر راديكالية على الصعيد الاجتماعي). فالسلطة لم تعد تستفيد إلا قليلا من فوائض خزائنها ومن نجاحها في إخماد نار العنف، ومصداقية الإسلاميين الإخوانيين تتراجع بفعل مشاركتهم في الحكومة منذ 1996 وانكشاف وجه "إخوانهم" في مصر وتونس والمغرب المهادن لأمريكا.

لا يُطرح السؤال إذن عن "الإمكانية النظرية" لتحول هذا الحزب إلى قطب ديمقراطي وطني وخروجه من "الغيتو" القبائلي، بل عن مصداقية هكذا مسعى إذا بدأ بانتخابات لا تهمّ أحدا سوى، تحديدا، النظام وأصدقائه/خصومه الإسلاميين.

هوامش

  • تأسست جبهةُ القوى الاشتراكية في 1963 على يد مجموعة من معارضي الرئيس أحمد بن بلة ينحدرون من مناطق جزائرية كثيرة، إلا أن انغراسها الأساسي كان ولا يزال في جبال المنطقة القبائلية، مسقط رأس زعيمها حسين أيت أحمد، أحد القادة التاريخيين للحركة الوطنية المناهضة للاستعمار. بعد انتهاء تمردها المسلح ضد النظام سنةَ 1965، تحولت إلى حزب سري إلى غاية 1989. وقفت إبّان الحرب الأهلية (التسعينيات) في المعسكر الداعي إلى "حل سياسي"، أي التفاوض بين النظام وإسلاميي جبهة الإنقاذ (المحظورة).
  • جبهة التحرير الوطني هي الحزب الأوحد السابق. يتزعمها حاليا عبد العزيز بلخادم، أحد المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. بقيادة عبد الحميد مهري وقفت خلال التسعينيات في المعسكر الداعي إلى إنهاء التمرد الإسلامي المسلح بالتفاوض بين النظام وجبهة الإنقاذ. "استرجعها" النظام في 1996.
  • التجمع الوطني الديمقراطي، أسسه في 1997 أكثر أجنحة السلطة معارضة للتفاوض مع جبهة الإنقاذ. يعرف عنه أنه فاز بالانتخابات البرلمانية ليونيو 1997 أربعة شهور بعد ميلاده، ما عدته المعارضة آنذاك دليلا قاطعا على تزويرها. يترأسه منذ تأسيسه الوزير الأول أحمد أويحيى.
  • حركة مجتمع السلم، بزعامة أبو جرة سلطاني، تمثل تيار الإخوان المسلمين الأكثر ارتباطا بمكتب الإرشاد (مصر). شاركت في "المؤسسات الانتقالية غير المنتخبة، بعد حظر جبهة الإنقاذ سنة 1992، وهي ممثلة في الحكومة والبرلمان إلى اليوم دون انقطاع منذ 1996.
  • المنطقة القبائلية، شرق العاصمة، أكثر المناطق الأمازيغية الجزائرية سكانا. كانت أحد معاقل الحركة الوطنية ضد الاستعمار، وهي اليوم أحد المناطق الأكثر معارضة للنظام والأكثر تمسكا بمطلب الاعتراف بالأمازيغية "لغة رسمية" (هي "لغة وطنية" منذ 2002).
  • التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بزعامة محسن بلعباس (خلف مؤسسَ الحزب سعيد سعدي منذ أسابيع قليلة). تأسس في 1989 على يد ناشطين من "الحركة الثقافية الأمازيغية" التي كانت تجمع المطالبين بالاعتراف بالأمازيغية على اختلاف انتماءاتهم الحزبية. انغراسه الأساسي، مثل جبهة القوى الاشتراكية، في المنطقة القبائلية. ساند الحكم العسكري خلال الحرب الأهلية ووقف ضد التفاوض مع جبهة الإنقاذ، إلا أنه، في 2000، ساند سياسة "الوئام الوطني" البوتفليقية (العفو على المسلحين الإسلاميين مقابل استسلامهم) وشارك في الحكومة إلى حد 2001، وغادرها تنديدا بقمع التظاهرات الشبابية في المنطقة القبائلية، ليلتحق بالمعارضة.
  • فرحات مهني، مطرب قبائلي مشهور. أحد قدامى ناشطي الحركة الثقافية الأمازيغية وأحد مؤسسي التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (إلى جانب سعيد سعدي). تدعو حركته إلى الحكم الذاتي في المنطقة القبائلية والاعتراف بالقبائلية لغة رسمية لها وترفض الدفاع عن الأمازيغية على المستوى الوطني بحجة أن المناطق الأمازيغية الأخرى (الأوراس، وادي مزاب، إلخ) لم تعد تكترث لها.