الصفحة الأساسية > GÉOPOLITIQUE INTERNATIONALE > Lettre de Marwan al Barghouti au Congrès du Fatah

مروان البرغوثي : هكذا تكون الولادة الجديدة لـ« فتح» "

Lettre de Marwan al Barghouti au Congrès du Fatah

"Ainsi se fera la renaissance du Fatah"

الجمعة 21 آب (أغسطس) 2009

Dans la deuxième moitié de la lettre adressée depuis la prison israélienne au Congrés du Fatah qui l’a élu au Comité Central, Marwan Al Barghouti, espoir des Palestiniens en cette période de crise aiguë, aborde les problèmes intérieurs qu’a dû affronter cette organisation depuis vingt ans.

L’ intérêt de ce document réside aussi pour nous en ce qu’il évoque avec précision les maux et les obstacles externes et internes qu’affrontent dans le monde arabe les courants attachés aux libertés démocratiques, aux aspirations sociales.

Des problèmes dont le PCA et le PAGS ont bien connu les manifestations en Algérie, alimentées et suscitées par les agissements réactionnaires, proimpérialistes ou simplement hégémonistes.

في ظل عدم تقديم اللجنة المركزية لحركة « فتح »، خلال مؤتمرها الحالي، تقريراً شاملاً عن أوضاع الحركة على مدار العقدين الماضيين، جاءت رسالة أمين سر « فتح » في الضفة، الأسير مروان البرغوثي، لتكون التقرير البديل، الذي شرّح وضع الحركة وأعطى استشرافات للمستقبل. وهنا أبرز ما جاء في الرسالة

المطلوب اليوم في مؤتمر حركة فتح السادس أن نرتقي إلى مستوى الشعب الفلسطيني العظيم، وإلى مستوى تطلعاته وطموحاته، وإلى مستوى صلابته وإرادته، وإلى مستوى توقعاته من هذه الحركة التي منحها ثقته على مدار العقود الماضية لتقوده نحو الحرية والعودة والاستقلال. وتجديد ثقة شعبنا بنا مرهون اليوم بقدرة هذا المؤتمر على استنهاض الحركة وتعزيز وحدتها وتجديد قيادتها ونفض الغبار عنها وتصحيح المسارات ومراجعة الأخطاء، وفي القدرة على وضع رؤية وآليات وأطر مناسبة لتحقيق حلم الفلسطينيين في الحرية والعودة والاستقلال.
إننا نقف اليوم في هذا المؤتمر التاريخي، أمام حقائق لا يجوز لأحد أن يتجاهلها أو يقفز عنها لاستشراف المستقبل ولوضع استراتيجية فلسطينية تقود لإنهاء الاحتلال وإنجاز حلم شعبنا بالعودة والحرية والاستقلال، وفي مقدمتها وأولها أنه ليس هناك شريك للسلام الحقيقي في إسرائيل، وأن الحكومة الحالية المتطرفة إرهابية لا تنوي قبول قرارات الشرعية الدولية وما ينطوي عليها من انسحاب شامل لحدود 1967. والحقيقة الثانية أن الاستيطان كان ولا يزال إحدى أهم الركائز التي قامت عليها الحركة الصهيونية وإسرائيل لاحقاً، وأن الاستيطان لم يتوقف منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى هذه اللحظة، وأن استمرار الاستيطان وبقاء المستوطنات يجهضان مشروع الدولة المستقلة الكاملة السيادة على حدود 1967. والحقيقة الثالثة التي يجب مواجهتها والتوقف أمامها هي عملية الاستيطان والتهويد وهدم المنازل والاستيلاء على الأرض والمحال التجارية والبيوت في مدينة القدس، حيث إن إسرائيل تسابق الزمن لحسم قضية القدس وتهويدها، لأنها تدرك أن أقصى موقف يتخذه الأميركيون هو القول ما للعرب في القدس للعرب وما لليهود لليهود. أي التسليم بالاستيطان والتهويد وبالأمر الواقع، وتكريس القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي. أما الحقيقة

الرابعة فهي، وإن كان هناك كلام أميركي وتصريحات ونوايا جديدة، فإنه لا يمكن الاتكاء عليها وحدها لإجبار إسرائيل على وقف الاستيطان والإذعان لقرارات الشرعية الدولية، وأن هنالك حدوداً للضغط الأميركي على إسرائيل بوصفها حليفة من الدرجة الأولى وتربطها علاقة لا تشبه أي علاقة بين أي دولتين حليفتين في العالم. أما الحقيقة الخامسة فهي أن الوضع العربي لا يمثّل رافعة وعامل قوة للموقف الفلسطيني، ولا يظهر العرب استعداداً حقيقياً لوضع رؤية شاملة قادرة على التحقق، وحتى مبادرة السلام العربية التي اقترحها العرب وأقروها، فإنهم لم يتمترسوا خلفها ويدافعوا عنها ويصروا على أن لا بديل منها مطلقاً. والحقيقة السادسة أن حالة الانقسام تمثّل نزيفاً دامياً في الجسد الفلسطيني يضعف الموقف الفلسطيني ويلحق الضرر بالمصالح الوطنية الفلسطينية. والحقيقة السابعة أن النظام السياسي الفلسطيني يعاني الوهن والضعف والانقسام وأن التجربة الديموقراطية تتعرض للخطر الفعلي، وأن منظمة التحرير الفلسطينية تعاني ضعفاً وترهلاً في مؤسساتها بل غياب هذه المؤسسات، كما أن غياب حركتي « حماس » و »الجهاد » عن مؤسسات المنظمة يضعف التمثيل الفلسطيني ويعرضه للمخاطر.

والحقيقة الثامنة أن حركة « فتح » في المؤتمر السادس هي ليست حركة « فتح » في الموتمر الخامس، وأن الحركة تعرضت لهزات عنيفة أولاً باستشهاد الرئيس القائد ياسر عرفات وما يمثّله في تاريخ الحركة والشعب الفلسطيني وقيادتهما، وثانياً الهزيمة التي تعرضت لها في الانتخابات التشريعية والبلدية والمحلية، وثالثاً انهيار السلطة وخسارتها في قطاع غزة وتفرد « حماس » بها، ورابعاً عملية السلام تواجه انسداداً وتعثّراً ومأزقاً وفشلاً، وخامساً أن الحركة تعاني غياباً لقيادتها وعجزاً وفشلاً وحالة نزاع وصراع وغرق في الصراعات الشخصية والمصلحية وغياب لمؤسساتها وحالة ذوبان في السلطة والمنظمة وانهيار لمبادئ المساءلة والمحاسبة واستشراء للفساد والكسب غير المشروع.
أمام هذه الحقائق التي عرضنا، وغيرها ليس أقل أهمية، فإننا ندعو المؤتمر للنقاش الصريح والصادق والديموقراطي، وذلك بهدف إجراء مراجعة شجاعة وجريئة للعقدين الماضيين من دون الغرق في التفاصيل والمناكفات، وإلى استشراف المستقبل وإحداث تغيير حقيقي، وإلى اتخاذ قرارات وسياسات على النحو الآتي :

■ على الصعيد السياسي

1ـــ انطلاقاً من أننا ما زلنا نعيش مرحلة التحرر الوطني، وباعتبار حركة فتح قائدة لحركة التحرر الفلسطيني، فإنها تعتبر أن المهمة الأساسية والرئيسية والأولى والمقدسة للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هي مواصلة النضال الوطني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان والانسحاب الشامل لحدود الرابع من حزيران 1967، بما في ذلك مدينة القدس الشرقية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق اللاجئين في ممارسة حقهم طبقاً للقرار الدولي 194، وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين.

2ـــ أن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي هي واجب وطني، وهي حق مشروع كفلته الشرائع السماوية، والشرعية الدولية والقانون الدولي، وأن هذه المقاومة تنتهي فقط بانتهاء الاحتلال وإنجاز شعبنا لحقوقه الوطنية.

3ــــ اعتبار الوحدة الوطنية مبدأ وطني فتحاوي وضرورة لا غنى عنها، وخاصة في مرحلة التحرر الوطني، واعتبار أن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار للشعوب المقهورة ولحركات التحرر الوطني. ولهذا فإن حركة فتح ستواصل سعيها وجهدها دون توقف لإنجاز الوحدة الوطنية للشعب وللوطن وللسلطة وللفصائل.

4ــــ إننا نوكد أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كل أماكن وجوده وقائدة نضاله الوطني، ومرجعيته السياسية والتفاوضية، ونرحب بدخول حركتي « حماس » و« الجهاد » إلى مؤسسات المنظمة ومشاركتهما فيها، ونؤكد ضرورة إجراء انتخابات لعضوية المجلس الوطني الفلسطيني بأسرع وقت ممكن في الداخل والخارج، وبما لا يزيد عن 350 عضواً والتوافق، حيثما تعذر الانتخاب.
5ــــ التمسك بالخيار الديموقراطي أساساً للنظام السياسي الفلسطيني والإصرار على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية دورياً وفي إطار ما قرره القانون الأساسي للسلطة الوطنية والقوانين المعمول بها، والتمسك بمبادئ النظام الديموقراطي وأسسه، وفي مقدمتها بند تحريم العنف في حل الإشكالات والخلافات والنزاعات الداخلية، والإصرار على الحوار خياراً وحيداً وتحريم الدم الفلسطيني، والتمسك بمبدأ التداول السلمي للسلطة، ومبدأ فصل السلطات، واستقلال القضاء، وسيادة القانون، وحماية الحريات العامة والفردية، وحماية التعددية السياسية، وحرية الرأي والتعبير والاعتقاد، وحرية الصحافة، وتكريس مبادئ المحاسبة والمسائلة.

6ــــ بناء مؤسسة أمنية وطنية ومهنية، عصرية وحديثة، تتولى مهمة الدفاع عن الشعب والوطن والحفاظ على الأمن والنظام والاستقرار، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، مؤسسة أمنية بعيدة عن النزاعات الفصائلية ولا تتدخل في الشأن السياسي والنزاعات أو الخلافات الداخلية الديموقراطية، وتخضع للمستوى السياسي الشرعي والمنتخب.

7ــــ اعتبار السلطة الوطنية نواة الدولة المستقلة، وإنجازاً وطنياً حققه شعبنا بفضل تضحياته على مدار العقود الماضية وبفضل صموده العظيم، وضرورة حماية هذا الإنجاز الوطني، وتكريس بناء مؤسسات السلطة كمؤسسات مؤهلة لإدارة الدولة الفلسطينية، واعتبار السلطة الوطنية ملكاً للشعب الفلسطيني بأسره و في خدمته، يقوم مبدأ التوظيف فيها على أساس القانون وتكافؤ الفرص.

■ على صعيد المفاوضات

إن تجربة ما يقارب العقدين من المفاوضات تثبت بوضوح وصراحة ألا شريك للسلام في إسرائيل، وأن الحكومات المتعاقبة استخدمت المفاوضات مظلة للتغطية على جرائم الاحتلال والاستيطان، وأن الحكومات الإسرائيلية لم تلتزم يوماً بمرجعيات عملية السلام مطلقاً، عوضاً عن الاتفاقيات، بل تحاول استحداث مرجعيات جديدة بهدف شطب قرارات الشرعية الدولية ومرجعية القانون الدولي. وإننا إذ ندعو لوقف كامل ومطلق للمفاوضات بكل أشكالها ومستوياتها وإلى عدم العودة إلى طاولة المفاوضات قبل التزام حكومة إسرائيل بما يلي :

1ــــ الالتزام بمبدأ إنهاء الاحتلال والانسحاب الشامل لحدود الرابع من حزيران 1967، بما في ذلك مدينة القدس، والاعتراف الصريح الواضح بقرارات الشرعية الدولية ومرجعيتها لأية مفاوضات في إطار الالتزام بالقانون الدولي.

2ــــ الوقف الشامل والفوري لكل النشاطات الاستيطانية ومصادرة الأراضي، ووقف الاستيطان في القدس ووقف هدم البيوت ومصادرتها ووقف عملية تهويد المدينة.

3ــــ الاعتراف الرسمي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك حقه في إقامة دولتة المستقلة كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 1967 ورحيل كل المستوطنين وإخلاء كل المستوطنات وحق اللاجئين في العودة طبقاً للقرار الدولي 194.

4ــــ إنهاء الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وإزالة الحواجز ووقف الاقتحامات والاعتقالات وإعادة مناطق السلطة الوطنية للمسؤولية الفلسطينية وإنهاء الحصار على قطاع غزة.

5ــــ الالتزام بالإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين في إطار جدول زمني لمدة سنة من تاريخ استئناف المفاوضات.

6ــــ في حال التزام إسرائيل بالمبادئ المذكورة، يجري استئناف المفاوضات فقط من النقطة التي انتهت إليها، والرفض المطلق للعودة للوراء على أن تتعلق المفاوضات بترتيبات الانسحاب الإسرائيلي لا التفاوض على المبدأ، شريطة أن يكون سقف المفاوضات ستة أشهر للوصول لاتفاق إنهاء الاحتلال.

■ على صعيد حركة فتح

منذ المؤتمر الخامس قبل عشرين عاماً تماماً، وقعت أحداث وتطورات وتغيرات دولية وإقليمية ومحلية غير مسبوقة، وانهارت معسكرات دولية واختفت وولدت دول جديدة وتفككت أخرى، وانفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم والتحكم في مصائر الشعوب ووقعت حرب الخليج العربي، وعانى النظام العربي وما زال من حالة انقسام وضعف وتراجعت مكانة القضية الفلسطينية في اهتمامات النظام العربي الرسمي. ودخلت منظمة التحرير، بقيادة فتح، في عملية السلام التي انطلقت في مدريد، ثم جاء اتفاق أوسلو ناقصاً ومفتقداً لضمانات التنفيذ. ورغم ذلك مهد الطريق لإقامة أول سلطة وطنية على الأرض الفلسطينية بقيادة فتح، حيث قاطعتها الفصائل الرئيسية جميعها، وتولت فتح مهمة بناء مؤسسات السلطة المدنية والأمنية. وفي ظل غياب خطة واضحة المعالم، حيث سادت حالة من الارتجال والفوضى، وفي ظل غياب الرقابة قامت إقطاعيات، وانتشرت ظاهرة التسابق على المراكز والمناصب ومغانم السلطة وهجر التنظيم وقد هُمّشت مؤسسات « فتح »، وحلّت مؤسسات السلطة مكانها وتعزز نفوذ الأجهزة الأمنية وازدادت سطوتها، وساد التنافر بين الأجهزة والصراعات والخلافات، وغابت فلسفة المؤسسة الأمنية الموحدة والمهنية والعصرية.

وقد مورست سياسة تهميش للتنظيم وتحجيم، شارك فيها معظم القيادات والمؤسسات الحركية، وتعرض التنظيم للنهش والاستقطاب والتضييق وعانى من ضعف الإمكانات وهجرة الكادر لمؤسسات السلطة. وعندما بادرنا في اللجنة الحركية العليا لإعادة بناء التنظيم منذ بداية صيف 1994 مباشرة بعد إقامة السلطة الوطنية. وقفت اللجنة المركزية ضد المبادرة وعملت على تعطيلها، وفيها أكدنا أن هنالك فرصة لإعادة البناء وتقوية التنظيم وتعزيزه، وأكدنا أن السلطة ليست بديلاً من فتح أو من التنظيم، وأن من الضروري إطلاق عملية البناء التنظيمي وعقد مؤتمرات من مستوى الحلقات والأجنحة والشعب والمناطق والأقاليم، وأنه لا يجوز الجمع بين العمل في الأجهزة الأمنية والعمل التنظيمي، وكان الهدف هو التحضير لعقد المؤتمر السادس في عام 1997 ــــ 1998. ولكن للأسف الشديد استمرت عملية المماطلة، وكثير ممن يتباكون اليوم على حال فتح أسهموا في إضعافها وفي ترهلها وفي تعطيل المؤتمرات الحركية، وفي تعطيل المؤتمر السادس، مراكزهم في السلطة كانت أهم بالنسبة إليهم من الحركة.

إن من غير المعقول الاعتقاد أنه يمكن أن تعطل المؤتمرات وتعطل الحياة الداخلية، ونحصل على حركة قوية وتنظيم متماسك، كما أن حال اللجنة المركزية التي غابت اجتماعاتها لفترة طويلة، وغابت عن الساحة وأصدرت مواقف متناقضة في أزمات مفصلية، وانقسمت في العديد من المحطات، وقدمت خطاباً سياسياً وإعلامياً ضعيفاً ومتناقضاً ومنقسماً وغير موحد. وغذى العديد من أعضائها حالة المحاور وبث الشائعات والتحالفات، وغاب عنهم أنهم الخلية الأولى التي إذا توحدت تتوحد الحركة خلفها. وبعد عشرين عاماً من شغلها مهماتها فقد كانت النتيجة أن اللجنة المركزية إلى جانب المجلس الثوري تتحمل المسؤولية عن النكسات والهزائم التي لحقت بالحركة. وقد انتشرت ظواهر يعرفها الجميع في الحركة بسبب غياب المؤسسات الحركية، وتحملت الحركة وزر ظاهرة الفساد في السلطة الفلسطينية، بغض النظر عن أغراض بعض الجهات في تضخيم هذا الفساد وتوظيفه لمحاربة الحركة، إلا أن هذه يجب ألا يدفعنا للتغطية على حقيقة أن مبادئ المحاسبة والمساءلة والكسب غير المشروع، لم تجد أي معالجات مطلقاً.

وبالمناسبة فنحن شعب صغير العدد نسبياً، وفي الحركة كثيرون يعرف بعضهم بعضاً، كما أن دخل معظم الناس في الحركة حتى وقت قريب كان متشابهاً أو مختلفاً قليلاً. وفجأة أصبحنا نرى ونسمع ونشاهد بل نعرف كوادر وقيادات لم تمتلك يوماً سوى مخصصها وكفايتها، وأصبحت تمتلك الفلل والبيوت الكبيرة والسيارات الفخمة ومواكب المرافقين ومصروفات شخصية تكفي للصرف على تنظيم بكامله في إحدى المحافظات أو عدد منها. ومن المؤسف أن الحركة تتذرع بأنها لا تمتلك المال لتصرف مخصصات للشهداء العظام والأسرى، بينما الفصائل الأخرى تصرف بانتظام لأسراها في كل الظروف ورغم الصعوبات. وأن الحركة التي لا ترعى مناضليها من شهداء وأسرى وجرحى تفقد واحداً من أهم عناصر وقواعد تماسكها وقوتها وهي التضامن الداخلي وروح الأخوة وتقاسم الهموم والمشاركة في الأفراح والأتراح.

إن الأخطر من ذلك كله هو التقصير بل القصور في رؤية القيادة لمهماتها، فحين وُجدت هذه القيادة خارج الوطن، أهملت الوطن ولم ينل من الإمكانات والموازنات ما يوازي موازنة أو مصروفات بعض المسؤولين، وحتى اندلاع الانتفاضة الأولى فإن ما كان يصل للأرض المحتلة هو فتات بل مخجل الحديث فيه. وما بعد اندلاع الانتفاضة تحسن الأمر قليلاً ولكنه بقي مأساوياً. والأخطر أن القيادة عندما تخرج من ساحة إلى أخرى تهمل الأولى وتغرق في الثانية. وعندما عادت للوطن أهملت الجسم الحركي والتنظيم ومؤسسات الحركة ومناضليها ومقاتليها بل هُمّش التنظيم ومؤسسات الحركة خارج الوطن، ولم يحصل ذلك لحساب رعاية الحركة والتنظيم في الداخل، بل في الغرق في السلطة.

الأمر الآخر الذي تجاهلته اللجنة المركزية ومؤسسات الحركة عموماً، هو العلاقة التنظيمية بالأرض المحتلة، حيث تجاهلت أي تمثيل للداخل في مؤسسات الحركة ابتداءً من المؤتمر العام ومروراً بالمجلس الثوري وانتهاءً باللجنة المركزية.

لقد حان الوقت لإحداث توازن خلاق ومبدع في الحركة وفي كل هيئاتها في الداخل والخارج، لأن من الكارثة إهمال هذه الطاقات لشعبنا الذي يعد بالملايين والمنتشر في كل مكان، والأهم أنه فاعل ومنتمٍ لفلسطين وقدم تضحيات جسيمة. وقد استمرت اللجنة المركزية في تغييب رؤية التنظيم ومشاركته في الوطن بعد خمس عشرة سنة من عودتها. وتجسد ذلك في تشكيلة اللجنة التحضيرية للمؤتمر وعقد اجتماعاتها، وتجاهلت تمثيل قطاعات أساسية مثل الشبيبة والمرأة والقطاع الخاص والأسرى المحررين والأسرى عموماً، وأغفلت كل التطورات التي طرأت على الحركة بعد إقامة السلطة الوطنية، وتجاهلت أن للوطن والتنظيم سمات مختلفة عنه في الساحات الخارجية. وعندما أقيم المؤتمر جاء قاصراً وعاجزاً ومرتجلاً وباهتاً وغاب عنه تمثيل حقيقي لقطاعات أساسية.
وإذا كان 75% من أبناء الحركة دون الأربعين عاماً، فهل يجوز تمثيل الشبيبة بـ1% فقط، أي عشرة أشخاص.

إن الشبيبة هي ربيع فتح المتجدد، وهي ضمير هذه الحركة وهي قلبها النابض بالحياة ، وأن رعايتها ومساندتها ودعمها ضرورة وطنية وفتحاوية، وكذلك المرأة التي تمثل 29% من أعضاء الحركة، هل يجوز أن تمثل بـ7%؟ ولماذا تجاهل تمثيل أكثر من ألف أستاذ جامعي فتحاوي في الجامعات الفلسطينية من حملة شهادة الدكتوراه وأصحاب التخصص في مجالات عدة وأغلبهم كانوا ناشطين في الشبيبة، وفي المجال النقابي والطلابي وفي العمل السياسي والنشاط الجماهيري، ولهم تأثيرهم في المجتمع. وكذلك كيف يُتجاهل آلاف من الأسرى المحررين الذين دفعوا ثمناً غالياً وانتظروا اليوم الذي يستطيعون فيه المشاركة في مؤتمر للحركة، وهم الذين قضوا أجمل سنوات حياتهم في السجون وظلوا على العهد. وكيف جرى تجاهل خمسة آلاف وخمسمئة أسير وأسيرة فتحاويين من خيرة أبناء الحركة ومناضليها ومنهم 155 قبل اتفاق أوسلو ولم تتذكرهم قيادتهم ولم تفعل شيئاً لتحريريهم. حتى أن البعض لا يريد تمثيلهم، وبالفعل كان قرار اللجنة التحضيرية عدم تمثيل الأسرى، الأمر الذي يمثّل طعنة لهؤلاء المناضلين المقاومين المقاتلين. وهذه إشارة إلى عقلية هذه القيادة وطريقة تفكيرها ومعالجتها للقضايا الحركية.

أما في ما يتعلق بالنظام الداخلي والسياسي للحركة، فأعتقد أن هنالك ضرورة لإجراء تعديلات أساسية تتعلق في البنية التنظيمية، وفي تقليل التراتبية التنظيمية وتخفيفها واقتصارها على أقل حلقات ممكنة، وذلك بهدف توسيع دائرة المشاركة وتكريس الحياة الديموقراطية.
وقد آن الأوان لاستحداث مجلس حركي في كل إقليم، ينتخب في كل مؤتمر إقليماً من 51 عضواً، يمثلون مختلف القطاعات ويحاسب عمل لجنة الإقليم ويراقبها ويتابعها ويجتمع كل ثلاثة شهور، والهدف توسيع باب المشاركة وتفعيل آليات العمل الديموقراطي وتفعيل آليات المحاسبة.
أما بخصوص اختيار مرشحي الحركة في المجلس التشريعي، فمن المفروض وضع آلية متفق عليها تترك المجال لكل أخ للترشح في انتخابات داخلية على مستوى كل دائرة يختارها المرشح، على أن تكون الهيئة العامة الانتخابية في كل دائرة، هي أعضاء مؤتمر الإقليم لآخر مؤتمر، وترتّب بعد ذلك اللجنة المركزية قوائم الترشيح الخاصة بالحركة وتعرضها على المجلس الثوري للتصويت عليها، وبعد ذلك يحظر على أي مرشح من الحركة أن يرشح نفسه خارج القوائم الرسمية.

إنني أدعو لمناقشة كل القضايا ومراجعة كل المحطات السابقة بكل شجاعة وموضوعية، وبكل صراحة وصدق، والإقدام على محاسبة المقصرين، ومن أساؤوا لحركتنا بسلوكهم، الذين يتحملون المسؤولية عن التراجعات والانتكاسات والهزائم التي تعرضت لها الحركة، وذلك في إطار بعيد عن الأحقاد والكراهية، وبعيداً عن تصفية الحسابات الشخصية والمصالح الأنانية والضيقة، وبعيداً عن عقلية الإقصاء والنزعات « الجهوية »، ومن خلال التمثل بقانون المحبة الفتحاوي، ولكن دون أن نستخدمه غطاءً للتهرب من المحاسبة والمساءلة، وإجراء نقاش عميق وشجاع يتعلق بعلاقة حركة فتح بمنظمة التحرير ومؤسساتها وبالسلطة الوطنية، وأهمية بناء مؤسسات مستقلة للحركة وعدم الذوبان في المنظمة والسلطة، وضرورة إحداث تطوير جذري في النظام الداخلي ليواكب طبيعة التغيرات. وإذا كانت الحكمة تقضي أن نستفيد من المناخ الدولي الجديد، وحشد العالم بأسره لإجبار حكومة إسرائيل على وقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، فإن من الوهم الاعتقاد أن هذا سيتحقق بدون إسناد شعبي وبدون حركة شعبية جماهيرية مساندة للتحرك الفلسطيني السياسي، ولذا فإنني أدعو المؤتمر لاتخاذ قرار بإطلاق أوسع حركة مقاومة شعبية سلمية في كل أرجاء الوطن لمواجهة الاستيطان وجدار الفصل العنصري وتهويد القدس، والحواجز العسكرية والاعتقالات والاقتحامات والحصار، وإسناداً للأسرى والمعتقلين آملين أن يدفع هذا أيضاً لإنهاء الانقسام الكارثي وإعادة الوحدة للوطن وللشعب وللسلطة.

Al-Akhbar, 10 août 2009


عرض مباشر : http://www.aloufok.net/spip.php?art...

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك
  • لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

  • رابط هايبرتكست

    (إذا كانت مشاركتك تشير إلى مقال منشور على النسيج أو صفحة توفر المزيد من المعلومات، الرجاء إدخال اسم هذه الصفحة وعنوانها أدناه).